يعمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إدخال الدول العربية عسكرياً في الصراع القائم في قطاع غزة، بعد أن فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها خلال عامين من الحرب المدمرة، والتي وصفتها الأمم المتحدة بالإبادة الجماعية.
عقد ترامب مساء الثلاثاء اجتماعاً وصفه بأنه بالغ الأهمية مع قادة ومسؤولين من دول عربية وإسلامية، وذلك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
توريط العرب في غزة
تمحور الاجتماع حول سبل إنهاء الحرب في غزة، في وقت تتزايد فيه الاعترافات الدولية بدولة فلسطين المستقلة، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة ضاراً بالنزاع.
في سياق متصل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، استمرارية العمليات العسكرية في غزة حتى القضاء على حركة حماس، و"إحلال السلام في المنطقة".
على الرغم من انتهاء الاجتماع، لم يتضح بعد ما الذي تم بحثه بالتحديد بين ترامب وقادة الدول العربية والإسلامية، مثل السعودية وقطر وتركيا ومصر والأردن والإمارات. ومع ذلك، يعتقد محللون أنه قد يطلب منهم التدخل لإنهاء الحرب.
قد يتضمن هذا التدخل، وفقاً لآراء المحللين، إرسال قوات من هذه الدول لتحل محل قوات الاحتلال جزئياً، وتعمل على نزع سلاح المقاومة، قبل الحديث عن إنهاء الحرب.
توقع المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية توماس واريك أن يكون ترامب "فظاً في خطابه"، وأن يطلب من هذه الدول إرسال قوات لإنهاء وجود المقاومة و"تقديم الأموال لسد احتياجات الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع بسبب إسرائيل".
كما أشار واريك خلال برنامج "مسار الأحداث" إلى أن ترامب لن يقبل بأي تحرك لإنهاء الحرب ما لم توافق الدول العربية على إرسال قوات ودفع الأموال والعمل على إنهاء وجود حماس في غزة، وهو أمر يظل محل تساؤلات.
ومع ذلك، يبدو أن ترامب يستمع لمستشارين يثق بهم، والذين لا يعتقدون أن الدول العربية سترسل قوات إلى غزة، كما يقول واريك، الذي أكد أن الاعترافات الدولية بفلسطين كدولة والحديث عن حقوق الفلسطينيين تظل مجرد أقوال ما لم تقترن بأفعال.
حتى إذا وافق العرب على إرسال قوات لتوفير الأمن بدلاً من إسرائيل، فإن وقف الحرب سيأتي في المرتبة الثالثة من أولويات ترامب بعد وصول هذه القوات وانسحاب إسرائيل من مناطق معينة في القطاع، وفقاً لرأي المسؤول الأمريكي السابق الذي أشار إلى عدم فهمه لطبيعة السياسة الأمريكية الحالية.
خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حمل ترامب حركة حماس المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب وفشل المفاوضات، ولم يتطرق إلى وضع المدنيين في غزة أو مسؤولية إسرائيل عن هذه الأوضاع.
كان حديث ترامب في الجمعية العامة دليلاً على عدم وجود عملية سياسية حالية، ويؤكد أن ما يحدث هو مجرد طرح خيارات تصب جميعها في مصلحة ترسيخ المعادلة الصفرية التي تسعى إليها إسرائيل، وفقاً لرأي الباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر.
أكد محمد الهندي، نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، في مقابلة مع الجزيرة، عدم وجود أي مقترحات جديدة، مشيراً إلى أن واشنطن ليست جادة في وقف الحرب وتتنصل حتى من المقترحات التي تقدمها.
لذا، يعتقد شاكر أن اجتماع ترامب بقادة الدول العربية والإسلامية يستهدف توريط هذه الدول في اليوم التالي للحرب، ومنح إسرائيل مزيداً من الوقت لمحو غزة، بينما تبدو الولايات المتحدة أمام العالم وكأنها تبحث عن حلول.
يقول شاكر إن ترامب ليس معنيًا إلا بما تريده إسرائيل، وليس منشغلاً إلا بتحقيق أهدافها التي تمثل خسارة لكل الفلسطينيين، وليس للمقاومة وحدها، بما في ذلك التهجير.