2025-10-16 - الخميس

هل هناك ملح صحي وآمن؟

{title}

الملح أكثر من مجرد نكهة للطعام في ثقافتنا العربية؛ فهو رمز للعشرة والوفاء، كما يتجسد في تعابير مثل: "بيننا خبز وملح"، أو "خان الملح". حتى الشعراء وصفوا العلماء بـ"ملح البلد"، فكان الملح علامة على القيمة والاعتبار.

في الثقافات الأخرى، استخدم الملح لطرد الطاقة السلبية وحرق الشيطان، وحتى في الاقتصاد القديم كانت كلمة salary مأخوذة من salarium، بدل يُمنح للرومان القدماء لشراء الملح، الذي كان يومها عملة ثمينة. وفي الهند، جعل غاندي الملح رمزًا للحرية في مسيرته التاريخية الشهيرة لمسافة 240 ميلاً احتجاجًا على احتكار بريطانيا له.

لكن وراء هذه الرمزية الثقافية، يكمن واقع صحي هام: زيادة استهلاك الملح مرتبطة بارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر أمراض القلب والفشل الكلوي والسكتات الدماغية. بعض الدراسات تشير إلى وجود استعداد جيني لدى بعض الأشخاص يجعلهم أقل حساسية للملح، ما يدفعهم لتعويض النكهة بكميات أكبر، وهو ما يُعرف بالتفضيل الجيني للملح.

رغم ذلك، يمكن التغلب على هذا الميل الجيني عبر تدريب الذوق تدريجيًا، تقليل الملح، مراقبة الصوديوم، واستخدام بدائل طبيعية مثل الليمون والأعشاب. كما أن تناول أغذية غنية بالبوتاسيوم يساعد على موازنة تأثير الصوديوم.

ولا يوجد ملح "صحي" بالمعنى الذي يفرّق بين ملح الهمالايا أو ملح البحر وبين ملح الطعام العادي؛ المهم هو الكمية، لا النوع. العادات الغذائية الواعية هي الأداة الأقوى للحفاظ على الصحة على المدى الطويل، وتفوق أي استعداد جيني.