أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المرسوم بقانون اتحادي رقم (6) لسنة 2025 المتعلق بالمصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية وأعمال التأمين. ويأتي هذا المرسوم في إطار جهود دولة الإمارات المستمرة لتحديث الإطار التشريعي والرقابي للقطاع المالي، مما يساهم في تعزيز استقراره وكفاءته وقدرته التنافسية. يهدف المرسوم إلى تحقيق التوافق مع أرقى المعايير الدولية، مما يعزز استقلالية المصرف المركزي ودوره المحوري في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
يسعى المرسوم بقانون إلى الحفاظ على استقرار العملة الوطنية، بالإضافة إلى تعزيز وحماية استقرار النظام المالي والإدارة الرشيدة لاحتياطيات الدولة من العملات الأجنبية. كما يحدد المرسوم المهام الأساسية للمصرف المركزي، والتي تتضمن وضع وتنفيذ السياسة النقدية وتنظيم الأنشطة المالية المرخصة والرقابة عليها وفقاً للمعايير الدولية. كما ينص على إصدار أنظمة ومعايير لضمان ممارسات مالية نزيهة وفعالة، مع الاحتفاظ باحتياطات أجنبية كافية لتغطية القاعدة النقدية ودعم التمويل المستدام ودمج مبادئ الحوكمة ورصد المخاطر النظامية وتحليلها.
في إطار حماية المتعاملين والشمول المالي، يُرسّخ المرسوم منظومة متكاملة تُلزم المنشآت المالية المرخصة بتمكين جميع فئات المجتمع من الوصول إلى الخدمات المصرفية والمالية المناسبة، مما يتماشى مع التحول الرقمي والابتكار في الخدمات المالية. كما يضع المرسوم أُطُراً لبرامج توعية وطنية بالتعاون مع القطاع المالي ومؤسسات المجتمع، مع التأكيد على استمرار الممارسات الإيجابية المعمول بها سابقاً، وخاصة ما يتعلق بمواءمة التسهيلات الائتمانية مع دخل العميل وحمايته من الممارسات غير المسؤولة.
علاوة على ذلك، يُعزّز المرسوم منظومة حماية العملاء وتسوية المنازعات من خلال توحيد مسار الشكاوى لعملاء البنوك وشركات التأمين تحت مظلة مستقلة تُعرف باسم (سَندُكَ)، والتي تتولى تلقي الشكاوى وتسويتها. كما يُنشئ المرسوم لجاناً قضائية مختصة للفصل في المنازعات الناتجة عن الأنشطة المالية، مع التأكيد على أن قرارات هذه اللجان ستكون نهائية ونافذة على المنشآت المالية المرخصة في حدود 100 ألف درهم.
يتضمن المرسوم أيضاً إجراءات استباقية للتدخل المبكر لمعالجة أي مؤشرات لتدهور الأوضاع المالية في أي منشأة مرخصة، مما يضمن الاستقرار المالي وحماية العملاء. تشمل هذه الإجراءات تفعيل خطط التعافي وفرض متطلبات إضافية لرأس المال والسيولة، وتعديل الاستراتيجية والهيكل الإداري والتشغيلي، وتعيين لجان مؤقتة أو إدارة مباشرة للمنشأة. كما يُسمح باتخاذ إجراءات دمج أو استحواذ أو تصفية عند الحاجة، بالإضافة إلى تطبيق إجراءات خاصة على شركات التأمين في حال عدم تصحيح أوضاعها.
وفقاً للمرسوم، يؤدي المصرف المركزي دوراً رئيسياً كسلطة التسوية والحل في إدارة الأزمات المالية، وذلك من خلال عزل وتعيين إدارات جديدة واسترداد المكافآت، وتعيين أوصياء لإدارة المنشأة وأصولها، وتعديل أو فسخ العقود، ونقل أو بيع الأصول والالتزامات. كما ينص المرسوم على إلغاء حقوق المساهمين وإعادة هيكلة رأس المال، وإنشاء كيانات مؤقتة لإدارة الأصول، واستمرار الخدمات الحيوية، وتنفيذ تصفيات منظمة أو عمليات إنقاذ لضمان استمرارية الأنشطة الحيوية.
في جانب الجزاءات الإدارية، نص المرسوم على رفع سقف الغرامات الإدارية بما يتناسب مع جسامة المخالفات وحجم المعاملات، مما يسمح للمصرف المركزي بفرض غرامة تناسبية تصل إلى عشرة أضعاف قيمة المخالفة أو الإثراء غير المشروع. كما يُمكن تنفيذ الغرامات تلقائياً من أرصدة المخالفين لدى المصرف المركزي أو المنشآت المالية. يُضاف إلى ذلك إمكانية المصالحة مع المخالفين قبل صدور قرارات قضائية نهائية، فضلاً عن إمكانية نشر الجزاءات على الموقع الرسمي للمصرف المركزي، مما يعزز من الشفافية والانضباط في السوق.