ألغت ألمانيا رسمياً برنامج «التجنيس السريع»، الذي كان يتيح للأجانب ذوي الكفاءات العالية الحصول على الجنسية الألمانية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة، بدلاً من المدة المعتادة التي تصل إلى خمس سنوات. وقد صوت البرلمان الألماني «البوندستاغ» يوم الأربعاء لصالح إلغاء البرنامج، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة العامة الألمانية ARD.
برنامج محدود الإقبال رغم الأزمة
أُطلق البرنامج في عام 2024 كجزء من إصلاحات تهدف إلى جذب العقول والكفاءات إلى ألمانيا. ومع ذلك، لم يحظَ البرنامج بإقبال يُذكر، حيث أظهر استطلاع أجرته ARD Capital Studio في يوليو الماضي أن 573 شخصاً فقط في برلين تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية عبر هذا المسار، أي ما يعادل 1.02% فقط من إجمالي الطلبات. كما سجّلت ولاية بافاريا 78 طلباً، وولاية بادن-فورتمبيرغ 16 طلباً حتى إبريل 2025.
ما هو قانون «التجنيس السريع» الذي تم إلغاؤه؟
تاريخياً، كانت ألمانيا أكثر تقييداً من دول أوروبية أخرى في موضوع ازدواج الجنسية، حيث كانت تسمح بها فقط لمواطني الاتحاد الأوروبي أو في حالات خاصة جداً للمهاجرين من خارج الاتحاد. وفي يوليو 2024، أقرت الحكومة الائتلافية بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بمشاركة حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (FDP)، إصلاحين رئيسيين في قانون الجنسية: تقليص مدة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية من ثماني سنوات إلى خمس، والسماح للمهاجرين بالاحتفاظ بجوازهم الأصلي. أما «المسار السريع»، فكان يمنح الحق في التقدّم للجنسية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة، بشرط إثبات إجادة اللغة الألمانية والاندماج الاجتماعي الفعّال والدخل الكافي لإعالة النفس والأسرة. إلا أن البرلمان ألغى هذا المسار نهائياً يوم الأربعاء.
وعد ميرتس الانتخابي يتحقق
جاء قرار إلغاء التجنيس السريع تنفيذاً لوعد انتخابي أطلقه المستشار الألماني المحافظ فريدريش ميرتس في حملته هذا العام، حيث تعهد بإلغاء البرنامج الذي اعتبره حزبه الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) «تساهلاً غير مقبول» في منح الجنسية. وصرح وزير الداخلية ألكسندر دوبرينت بأن القرار ضروري للحفاظ على قيمة جواز السفر الألماني، مضيفاً: «يجب أن تُمنح الجنسية كتقدير للاندماج الناجح، لا كحافز للهجرة غير الشرعية».
خلفية الإصلاحات التي أطلقها شولتس
كان برنامج التجنيس السريع جزءاً من حزمة إصلاحات شاملة لقوانين الجنسية الألمانية أقرّها المستشار السابق أولاف شولتس في عام 2024، والتي كانت تهدف إلى تسهيل اندماج المهاجرين المؤهلين. ومن بين الشروط التي وضعتها تلك الإصلاحات: إجادة عالية للغة الألمانية، إثبات الاندماج في المجتمع الألماني، والقدرة على إعالة الذات والأسرة دون دعم حكومي. ورغم إلغاء برنامج التجنيس السريع، فإن الحكومة أبقت على إصلاحات أخرى مهمة، مثل تقليص مدة الإقامة المطلوبة للجنسية العادية من ثماني سنوات إلى خمس، وتخفيف القيود على ازدواج الجنسية، مع الإبقاء على شرط إجادة اللغة بمستوى متوسط.
انتقادات حادة من أحزاب المعارضة والباحثين
اعتبر منتقدو القرار أن هذه الخطوة ترسل رسالة سلبية إلى الكفاءات الأجنبية في وقت تعاني فيه ألمانيا من نقص حاد في العمالة وتراجع ديموغرافي. حيث صرح فيليكس باناشاك، رئيس حزب الخضر، لموقع Web de: «هذا القرار يبعث بإشارة خاطئة تماماً، في وقت نحتاج فيه إلى كل الطاقات، سواء كان الشخص يعيش هنا منذ ثلاث سنوات أو ثلاث أجيال». كما أضاف خبراء الهجرة أن إلغاء القانون قد يثني المهاجرين المهرة عن اختيار ألمانيا كوجهة للاستقرار والعمل.