2025-10-12 - الأحد

احتيال إلكتروني: أساليب جديدة تستهدف ضحايا التسويق الرقمي

{title}

تحقيق: محمد الماحي

ازدادت حالات الوقوع في فخ الإعلانات المضللة على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وتعددت الأساليب المتجددة التي يستخدمها المحتالون يوماً بعد يوم. ومع تسارع نمو التسويق الإلكتروني، ينجح المحتالون في جذب المتسوقين من خلال فرص مغرية تهدف إلى نهب أموالهم. بل إن بعضهم يعتمد على مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لاصطياد الزبائن. رغم انتشار جرائم الاحتيال الإلكتروني، إلا أن الأجهزة الأمنية لم تقف مكتوفة الأيدي، بل كثفت جهودها للقبض على المحتالين في إطار حملات توعية تحذر من الإعلانات الإلكترونية الوهمية.

إجراءات قانونية

ضبطت شرطة أبوظبي مؤخراً محتالاً استدرج ضحيته عبر رابط وهمي واستولى على أمواله، وتم إحالته للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه. في الوقت نفسه، حذرت الشرطة من 5 إعلانات أخرى هي الأكثر انتشاراً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتشابه في أسلوب استدراج الضحية بسعر مغري وغير منطقي للسلع.

وكشفت الشرطة أن هذه الإعلانات تشمل تأجير وبيع شاليهات وشقق ومنازل، حيث عرض أحدهم شقة للإيجار بقيمة 60 ألف درهم سنوياً في حين أن قيمة الإيجار الفعلية تصل إلى 250 ألف درهم. وأشار المقدم علي فارس النعيمي، رئيس قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية، إلى أن الإعلانات الاحتيالية تشمل تأجير شاليهات وشقق وبيع مواشي وأعلاف.

عروض وهمية

فيما حذرت شرطة رأس الخيمة من انتشار مقاطع ترويجية وهمية لعروض صيفية على فلل ومزارع سياحية، تتضمن مسابح خاصة وإطلالات خلابة بأسعار لا تتجاوز 300 درهم لليلة. وأكدت أن بعض هذه المقاطع تُستخدم كوسيلة احتيال رقمي تنفذها عصابات محترفة، تقوم بتعديل مقاطع عقارات حقيقية وطرحها مجدداً عبر حسابات وهمية وروابط مجهولة. هذه العروض المغرية تخفي وراءها عمليات نصب واحتيال ممنهجة.

وتحذر شرطة الشارقة من عمليات احتيال إلكتروني تحت غطاء عروض وهمية لمطاعم تقدم وجبات سريعة، حيث يتم سرقة الحسابات البنكية بعد إدخال البيانات الخاصة بالشخص وإتمام عملية الدفع. ذكر العقيد الدكتور خليفة يوسف بالحاي، مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية، أن جرائم الوظائف الوهمية والإعلانات الزائفة تعتبر من أبرز أنماط الاحتيال الإلكتروني.

عروض رقمية

شهدت ساحات المحاكم قضايا عدة لضحايا عمليات احتيال تستهدف الباحثين عن العروض المغرية على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التسوق الإلكتروني. في إحدى هذه القضايا، أقامت امرأة دعوى ضد شابين مطالباً بإلزامهما بدفع 65 ألف و550 درهماً، بالإضافة إلى 20 ألف درهم كتعويض عن الأضرار. كانت الضحية قد حولت لهما مبلغ المطالبة بعد اتفاقها معهما عبر "فيس بوك" لاستئجار شقة سكنية، إلا أنهما تهربا منها بعد حصولهما على الأموال.

وفي قضية أخرى، كشف ضحية احتيال إلكتروني أنه شاهد إعلاناً على إحدى منصات التواصل الاجتماعي لبيع خيمة بجميع ملحقاتها، ثم تواصل مع رقم المعلن عبر "واتس أب" لمعرفة سعر الخيمة. طلب منه المحتال تحويل عربون بقيمة 10 آلاف درهم ليقوم بتجهيزها، وهو ما جعله يعتقد أن عملية الشراء آمنة وموثوقة.

الإعلانات الزائفة

يستغل المحتالون ثقة ضحاياهم من خلال نشر إعلانات عن أنشطتهم على صفحات المشاهير والمؤثرين الاجتماعيين، وهو ما أكدته دائرة القضاء في أبوظبي. وأشارت إلى أن طريقة الاحتيال عبر المجموعات الاستثمارية الوهمية تتضمن خطوات محددة ومتكررة، حيث يسهل على الضحية منح الثقة للآخرين والرغبة في الثراء السريع.

كما رصدت "الخليج" انتشار إعلانات منسوبة لشركة "سالك" تدعو للاستثمار عبر وسطاء، مستخدمة مجموعة من المشاهير والشخصيات العامة. لكن الشركة حذرت من الوقوع في فخ الإعلانات الزائفة، مؤكدة أن المحتالين يلجأون إلى هذا الأسلوب لاستدراج العملاء.

مهارات عالية

أكد خبراء أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد سهلت عمل المحتالين، مشيرين إلى أن هذه الممارسات تندرج تحت بند الاحتيال الإلكتروني. تصل عقوبتها القانونية إلى الحبس سنة واحدة وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم. ويفيد خبراء الأمن السيبراني بأن الإعلانات المدفوعة لم تعد كافية، حيث يمكن إنشاء المواقع الإلكترونية بسهولة.

يستمر مستخدمو الإنترنت في الانجراف وراء العروض المغرية، بغض النظر عن كونها حقيقية أو وهمية. يعتمد نجاح الحملات الإعلانية الاحتيالية على توقيتها بالتزامن مع العروض الحقيقية. ويؤكد المستشار القانوني عبدالله الكعبي على أن هذه الممارسات تشكل احتيالاً إلكترونياً، تتطلب التعامل معها بحذر.

استهداف المشاعر واستغلال وسائل التواصل

يدرس المحتالون الشريحة المجتمعية المستهدفة من أجل التأثير على قراراتهم، مستغلين مشاعرهم في اتخاذ القرارات. الدكتور نواف النعيمي، اختصاصي الطب النفسي، يشير إلى أن المجتمعات الحديثة باتت تعتمد على سرعة وفاعلية وسائل التواصل، مما أتاح مجالاً خصباً للجريمة الإلكترونية.