الدكتور خليل ابو زناد - اخصائي امراض نفسية وعصبية وتخطيط دماغ
الوسواس القهري هو مرض نفسي شائع، وفي هذا المقال سنتحدث عن أهم المعلومات التي يحتاج المريض لمعرفتها عن هذا المرض.
الوسواس القهري هو اضطراب نفسي منتشر، ويصيب نسبة غير قليلة من الناس.
مثلاً، من كل 50 شخصًا، هناك شخص واحد يعاني من هذا المرض، وهذه نسبة تعتبر عالية نسبيًا.غالبًا ما يظهر الوسواس القهري في سن مبكرة، وقد يبدأ في عمر 8، 10، أو 15 سنة، لكن يمكن أن يظهر في أي عمر، إذ لا يوجد سن محدد لظهوره.
يلاحظ أن مريض الوسواس القهري يتأخر كثيرًا قبل طلب العلاج.
المريض النفسي قد لا يراجع إلا بعد سنتين إلى خمس سنوات من بدء المعاناة.
السبب الرئيسي في تأخر المريض في طلب المساعدة أولا هو اعتقاد المريض أن المرض قد يزول من تلقاء نفسه. وهناك أسباب أخرى تمنع المريض من طلب العلاج، مثل:
الخوف من الوصمة: يظن البعض أن زيارة الطبيب النفسي تعني أنهم لديهم سجل مرض نفسي.
الأدوية النفسية لعلاج الوسواس تؤدي إلى الإدمان عليها لذلك تردد المريض في مراجعة الطبيب
في معظم الحالات، لا يختفي المرض بدون علاج. ولا يشفى المريض دون مراجعة الطبيب.
مثلا سيدة تعاني وسواس النظافة، خاصة غسل اليدين. في البداية، قد تغسل يديها مرتين أو ثلاث فقط. مع الوقت وبدون علاج، قد تصل إلى قضاء ساعة أو أكثر في غسل اليدين بشكل متكرر، وتستمر عدة سنوات بهذا الحال
هذا المثال يوضح كيف يمكن للوسواس القهري أن يتفاقم تدريجيًا ويؤثر على المريض نفسيًا وجسديًا.مع تقدم المرض، يبدأ المريض وأهله بملاحظة التصرفات غير الطبيعية، وقد يدركون أن الأمر يستدعي مراجعة طبيب نفسي. بدون العلاج تتفاقم الأعراض تدريجيًا، مؤثرة على الحياة الاجتماعية والمهنية والعائلية. وهناك أمثلة أخرى على المشاكل التي يسببها الوسواس القهري إذا لم يُعالج مثلا سيدة تقوم بالطلب من زوجها وأطفالها أن يغسلوا أرجلهم وأيديهم كلما دخلوا البيت أو لمسوا شيء ما هنا الوسواس لم يقتصر عليها فقط بل امتد إلى عائلتها .
الوسواس القهري لا يقتصر على النظافة فقط، بل له أنواع عديدة تؤثر على سلوك المريض وعلاقاته.
وهناك أمثلة أخرى على الوسواس القهري:
يتضمن أفكارًا تفرض على الشخص أداء أفعال أو طقوس معينة (مثل لمس أشياء أو العد حتى رقم محدد) لتجنب حدوث مكروه. مثلا مريض يعتقد إذا لم يلمس الطاولة فإن أحد أقاربه سوف يموت فيضطر إلى لمس الباب 20 مرة أو حتى 30 مرة .
- يقوم المصاب بالتأكد مرارًا من أشياء مثل إغلاق الباب أو إطفاء الغاز مثلا السيدة قد تتفقد الغاز قبل النوم مدة 20 مرة لأنها تعتقد انه ممكن يكون تسرب للغاز وبالتالي ممكن أن يحدث اختناق أو حريق فطقوس التأكد تكون سبب في عدم حدوث الاختناق أو الحريق في البيت
وساوس الطهارة والترتيب:
تشمل الخوف من الاتساخ أو النجاسة مثلا يقوم المريض بتغيير ملابسه الداخليه خوفا من تسرب شيء من البول عليها وممكن أن يقوم بتفقد الملابس الداخلية طوال وحتى ممكن أن يصل إلى تغير الملابس الداخلية .أو الشعور بأن الأشياء يجب أن تكون "مرتبة تمامًا" بطريقة معينة فتقوم السيدة مثلا بترتيب الاُثاث بزوايا معينة مع مراعاة تساوي بعد المسافات بين قطع الأثاث.
وساوس العدوى والدين
وساوس العدوى: خوف غير مبرر من الجراثيم أو نقل العدوى. فقد يتجنب المريض السلام والمصافحة بالأيدي بسبب العدوى
الوساوس الدينية (الوسواس القهري الديني): تتعلق بالخوف من الخطأ في العبادات (مثل تكرار الوضوء مثلا يبقى المريض يتوضأ مدة نصف ساعة لأنه يعتقد بأن عضو معين لم يصله الماء جيدا أو أنه نسي غسل عضو معين أو أنه لم يؤدي الوضوء بالشكل الصحيح وكذلك الصلاة ممكن المريض يبقى يعيد في الصلاة نصف ساعة أو ساعة لأنه يعتقد بأنه نسي ركعة أو أنه نسي تأدية ركن في الصلاة )، وليست ناتجة عن ضعف الإيمان بل عن اضطراب نفسي. وتوجد وساوس لها علاقة بوجود الله فالمريض قد تأتيه وساوس تتمثل في حقيقة وجود الله والمريض الملتزم هنا يضطرب ويشعر أنه مذنب ويقوم بالاستغفار ويقوم بسؤال الشيوخ في حقيقة أنه يعتبر مذنب
الوساوس العدوانية والجنسية:
تتضمن أفكارًا مزعجة أو صادمة (مثل إيذاء الآخرين أو أفكار غير مقبولة جنسيًا). مثلا يكون الشخص في الطريق وتأتيه أفكار أو صورة خيالية كلما نظر إلى شخص بأنه يقوم بعلاقة جنسية معه، أو مريضة تكون جالسه مع أخاها الوسواس يقول لها أن تنظر إلى الأعضاء التناسلية لأخيها فتتضايق وهنا تتجنب اللقاء مع أخاها أو زيارته - أو سيدة في منزلها تجنبت دخول المطبخ لأنها تأتيها فكرة أنها ممكن أن تمسك السكين ومن ثم طعن ابنها فيها
جميع هذه الوساوس متكررة وملحة، لكنها لا تعكس شخصية المريض الحقيقية، وتسبب توترًا شديدًا، ما يدفع المريض لأداء طقوس معينة لتخفيف القلق.
يتم العلاج على شقين رئيسيين:
العلاج السلوكي (Behavioral Therapy):
هو العلاج الأساسي والأهم.
يساعد المريض على التعامل مع الوسواس تدريجيًا.
بعد فترة، يمكن للمريض الاعتماد على العلاج السلوكي دون الحاجة للأدوية.
العلاج الدوائي (Medication Therapy):
يستخدم لتسريع الشفاء وتقليل الأعراض.
يستمر العلاج فترة طويلة (سنة أو أكثر) ولا يسبب إدمانًا.
النتيجة المثلى تتحقق عند الجمع بين العلاج السلوكي والدوائي، إذ تصل نسبة الشفاء إلى 80–90٪، مما يضمن تحسنًا كبيرًا في الحياة المهنية والاجتماعية والعائلية للمريض. وقد يحتاج المريض لعدة أشهر في الجمع بين العلاج السلوكي والدوائي .











