2025-10-12 - الأحد

التحديات المعقدة في السياسة الخارجية للهند: صراعات القوة العالمية

{title}

في إطار فهم أعمق للحرب التي اندلعت في مايو/ آيار بين الهند وباكستان نتيجة لهجوم إرهابي في كشمير والذي أسفر عن مقتل 26 سائحاً، جاء رد الهند من خلال قصف أهداف داخل الأراضي الباكستانية. وقد تسرع العديد من المراقبين والمحللين في وصف هذه الحرب بأنها «حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة والصين» واعتبروا أنها تمثل «الوجه الآخر للخلافات التجارية بين هاتين القوتين العظميين». فباكستان تعد حليفاً للصين، حيث يمتد ميناء «جوادر» ليكون نقطة رئيسية ضمن «طريق الحرير ومبادرة الحزام والطريق» الصينية، بينما تُصنف الهند كحليف للولايات المتحدة، حيث يُعتبر ميناء بومباي نقطة انطلاق ممر اقتصادي بين آسيا والولايات المتحدة.

على الرغم من أن هذا التحليل يحمل بعض أوجه الحقيقة، إلا أنه لا يعكس الصورة الكاملة للسياسة الهندية التي تتميز بالتعقيد والاضطراب. يعود هذا التعقيد إلى التقديرات الخاطئة بشأن الدور الهندي في السياسة الدولية، لا سيما في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ. تمثل الهند، على الرغم من كونها عضواً في «التحالف الأمني الرباعي (كواد)» مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا لمواجهة التهديدات الصينية، طموحات قوية لتصبح قوة عالمية. كما أنها تواجه خلافات عميقة مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، تنمو علاقاتها مع الصين.

بينما تقترب باكستان عسكرياً واقتصادياً من الصين، فإنها تاريخياً كانت تُعتبر جزءاً من التحالف الأمريكي. إذا نظرنا إلى التسلح كمعيار لتحديد العلاقات بين الدول، نجد أن الهند تعتمد على السلاح الروسي والغربي في حين أن باكستان تعتمد على السلاح الصيني والغربي، وبالذات الأمريكي. هذه الديناميكية تُشير إلى أن كل من الهند وباكستان كانتا حليفتين تقليديتين للولايات المتحدة، مما يجعل من الصعب تصنيف الحرب الأخيرة بينهما كحرب بالوكالة بين القوى الكبرى.

تاريخياً، منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني عام 1947، اتبعت الهند سياسة «عدم الانحياز»، وكانت من الأعضاء المؤسسين لهذه السياسة مع دول مثل مصر ويوغوسلافيا. ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، انفتحت الهند على الولايات المتحدة، في ظل الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي. ومع ذلك، فإن الهند لم تتجه نحو «سياسة انحيازية» بل اتبعت نهج «تعدد المحاور»، حيث سعت إلى بناء علاقات مع مختلف القوى دون الانغماس في تحالفات ثابتة.

هذا التوجه الاستراتيجي يعكس رؤية الهند لاحتياجاتها الاقتصادية والعسكرية التي لا يمكن تلبيتها من خلال شريك واحد، مما أدى إلى إقامة شراكات مع الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل ودول أخرى في ما تسميه الهند «الجنوب العالمي»، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا وإيران. على الرغم من ذلك، يبدو أن هذا الاتجاه لم يكن مقبولاً لدى الإدارة الأمريكية الحالية، حيث أظهرت التصريحات من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدم تقبل «نصف انحياز» من الشركاء، مما أدى إلى توتر العلاقات.

تجلى هذا التوتر من خلال فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية مرتفعة على الهند، مما زاد من مشاعر الشك تجاه العلاقات بين البلدين، خاصة في أعقاب المواجهة العسكرية بين الهند وباكستان. التصريحات الأخيرة للرئيس ترامب حول علاقته مع باكستان، بما في ذلك دعمه لها كـ«داعم للسلام»، زادت من حدة المشاعر السلبية في الهند، مما طرح تساؤلات حول إمكانيات التعاون مع الصين كبديل.

إجمالاً، إن ما يمكن أن يُطلق عليه «الحيرة الهندية» في ظل تصاعد الخلافات مع الولايات المتحدة، يطرح تحديات كبيرة للهند في سياستها الخارجية، مما يستدعي إعادة تقييم خياراتها الاستراتيجية في عالم يتسم بالتغيرات السريعة.