يُعد مرض القلب أحد أبرز الأسباب المؤدية للوفاة عالميًا، ويؤثر على ملايين الأشخاص سنويًا. يمثل القلب مركز الجهاز الدوري في الجسم، ويضخ الدم المحمّل بالأكسجين والمواد المغذية إلى جميع أعضاء وأنسجة الجسم. لذا، فإن أي خلل في وظائفه أو تشوه في بنيته يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة تهدد الحياة.
تتنوع أمراض القلب وتشمل أمراض الأوعية الدموية، اضطرابات النظم القلبي، عيوب القلب الخلقية، اعتلال عضلة القلب، وأمراض صمامات القلب. كما يمكن للعديد من هذه الحالات أن تُكتشف مبكرًا وتُعالج بفعالية إذا تم اتباع نمط حياة صحي وإجراء الفحوصات الطبية الدورية.
أنواع أمراض القلب
1. أمراض الأوعية الدموية
مرض الشريان التاجي هو أكثر أنواع أمراض القلب شيوعًا. يحدث عندما تتراكم الدهون والكوليسترول والمواد الأخرى على جدران الشرايين، مشكلة ما يُعرف باللويحات، الأمر الذي يؤدي إلى تصلب الشرايين ويقلل من تدفق الدم إلى عضلة القلب.
الأعراض الشائعة:
ألم أو ضغط في الصدر (الذبحة الصدرية).
ضيق النفس، خاصة عند ممارسة النشاط البدني.
ألم يمتد إلى الرقبة، الفك، الظهر، أو الجزء العلوي من البطن.
ضعف أو برودة في اليدين أو القدمين نتيجة ضعف تدفق الدم إلى الأطراف.
المضاعفات:
النوبات القلبية نتيجة انسداد الشرايين التاجية.
السكتة الدماغية في حال انسداد الشرايين المؤدية إلى الدماغ.
فشل القلب المزمن عند عدم قدرة القلب على ضخ الدم بشكل كافٍ.
2. اضطرابات النظم القلبي
يُطلق على هذا النوع اضطراب نبض القلب، ويحدث عندما يصبح نبض القلب سريعًا جدًا، بطيئًا جدًا، أو غير منتظم. قد يؤدي ذلك إلى تدفق دم غير فعال، مما يسبب أعراضًا ومضاعفات خطيرة.
الأعراض:
خفقان أو رفرفة في الصدر.
ضيق النفس.
الدوخة أو الإغماء.
الشعور بالإرهاق العام، خاصة عند القيام بالنشاطات اليومية.
الأسباب:
مرض الشريان التاجي واعتلال عضلة القلب.
السكري وارتفاع ضغط الدم.
تعاطي المخدرات أو بعض الأدوية.
التوتر النفسي والعاطفي، الإفراط في الكافيين أو الكحول.
3. عيوب القلب الخلقية
عيوب القلب الخلقية هي حالات قلبية يولد بها الطفل نتيجة تشوهات في بنية القلب. تختلف شدة هذه العيوب بين طفيفة لا تسبب أعراضًا كبيرة، وأخرى تهدد الحياة إذا لم تُعالج.
أعراض الأطفال:
تغير لون الجلد إلى الأزرق أو الرمادي.
تورم في البطن أو حول العينين.
ضيق التنفس أثناء الرضاعة وصعوبة زيادة الوزن.
أعراض البالغين:
ضيق النفس أثناء ممارسة النشاط البدني.
الإرهاق السريع.
تورم اليدين أو القدمين أو الكاحلين.
الأسباب المحتملة:
عوامل وراثية وتغيرات جينية.
بعض الأدوية أو الحالات الطبية أثناء الحمل.
العوامل البيئية ونمط الحياة غير الصحي للأم أثناء الحمل.
4. اعتلال عضلة القلب (Cardiomyopathy)
يحدث اعتلال عضلة القلب عندما تتغير عضلة القلب بشكل يجعلها أقل قدرة على ضخ الدم بشكل فعال. هناك ثلاثة أنواع رئيسية:
النوع التوسعي: شائع ويحدث غالبًا بدون سبب واضح، وقد يكون وراثيًا.
النوع الضخامي: يتميز بزيادة سماكة عضلة القلب، ويُعتبر وراثيًا غالبًا.
النوع المقيّد: يحدث نتيجة تراكم بروتينات أو اضطرابات النسيج الضام، ويُعد الأقل شيوعًا.
الأعراض:
دوخة وإغماء.
إرهاق شديد.
ضيق التنفس أثناء النشاط أو أثناء النوم.
تورم في الساقين والكاحلين.
خفقان القلب أو رفرفته.
المضاعفات:
فشل القلب المزمن.
اضطرابات النظم القلبي الخطيرة.
زيادة خطر النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
5. أمراض صمامات القلب
القلب يحتوي على أربعة صمامات رئيسية: الصمام الأورطي، الصمام التاجي، الصمام الرئوي، والصمام ثلاثي الشرف. أي خلل في هذه الصمامات قد يؤدي إلى تضيق أو قلس الصمام، مما يعيق تدفق الدم الطبيعي ويزيد من عبء القلب.
الأعراض:
ألم في الصدر وضيق النفس.
تورم القدمين والكاحلين.
الإغماء أو شبه الإغماء.
الإرهاق واضطرابات نبض القلب.
الأسباب:
عيوب خلقية في الصمامات.
الحمى الروماتيزمية أو التهاب الشغاف المعدي.
اضطرابات النسيج الضام أو الشيخوخة.
كيفية عمل القلب لفهم أسباب الأمراض
القلب يحتوي على أربع حجرات: أذينان علويان وبطينان سفليان. ينقل الجانب الأيمن الدم غير المؤكسج إلى الرئتين، بينما يضخ الجانب الأيسر الدم الغني بالأكسجين إلى الجسم عبر الشريان الأورطي.
كما يعمل النظام الكهربائي للقلب على تنظيم النبضات، بدءًا من العقدة الجيبية وصولًا إلى العقدة الأذينية البطينية، لضمان انقباض القلب بشكل متزامن وضخ الدم بكفاءة.
عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب
تشمل العوامل الرئيسية:
السن والجنس: الرجال أكثر عرضة قبل سن الخامسة والخمسين، بينما تزداد مخاطر النساء بعد انقطاع الطمث.
التاريخ العائلي: وجود إصابة بأمراض القلب في الأسرة، خصوصًا عند أحد الوالدين في سن مبكرة.
التدخين والنظام الغذائي غير الصحي: يرفع الدهون والكوليسترول ويزيد الضغط على القلب.
ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والسكري.
السمنة وقلة النشاط البدني.
التوتر النفسي والعاطفي.
سوء صحة الأسنان واللثة: قد يؤدي إلى التهاب الشغاف ودخول الجراثيم إلى الدم.
المضاعفات المحتملة لأمراض القلب
فشل القلب المزمن: عدم قدرة القلب على ضخ الدم بكفاءة.
النوبات القلبية: نتيجة انسداد الشرايين.
السكتات الدماغية: بسبب نقص تدفق الدم إلى الدماغ.
تمدد الأوعية الدموية: انتفاخ وانفجار محتمل للشرايين.
مرض الشريان المحيطي: ضعف تدفق الدم إلى الأطراف، خاصة الساقين.
توقف القلب المفاجئ: حالة طارئة تهدد الحياة.
الوقاية من أمراض القلب
يمكن للوقاية أن تقلل من الإصابة وتخفف المضاعفات:
الإقلاع عن التدخين.
اتباع نظام غذائي صحي منخفض الدهون والملح.
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لمدة 30 دقيقة يوميًا.
الحفاظ على وزن صحي.
التحكم بالتوتر النفسي والعاطفي.
متابعة ضغط الدم والكوليسترول والسكري بانتظام.
النوم الكافي 7-9 ساعات يوميًا.
الاعتناء بصحة الفم والأسنان لتقليل خطر التهاب الشغاف.
العلاج الطبي لأمراض القلب
يشمل العلاج أحيانًا:
الأدوية: مثل مميعات الدم، أدوية التحكم بالضغط أو الكوليسترول، وأدوية تنظيم ضربات القلب.
التدخل الجراحي: تركيب دعامات للشرايين، جراحة قلب مفتوح لعلاج الصمامات أو عيوب القلب.
العلاج التداخلي غير الجراحي: مثل القسطرة القلبية لتوسيع الشرايين أو إصلاح الصمامات.
التغييرات في نمط الحياة: التغذية الصحية، النشاط البدني، وإدارة التوتر.
الخلاصة
أمراض القلب متنوعة ومعقدة، وتشمل اضطرابات الشرايين، النظم القلبي، الصمامات، عضلة القلب والعيوب الخلقية. الفحص المبكر، نمط الحياة الصحي، وإدارة عوامل الخطر يمكن أن يقلل بشكل كبير من المضاعفات ويحافظ على صحة القلب على المدى الطويل. المعرفة بالعوامل المسببة والأعراض ومراقبتها باستمرار تعد الخطوة الأولى لحياة صحية مليئة بالنشاط.
